الحمدُ للهِ ، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد رسول الله ، أما بَعْدُ : فكثيراً ما يسألني بعض مَن ألقاهم خارج العراق ، في مؤتمر علمي أو رحلة لأي غرض آخر ، عن اسم والدي : هل هو قُدُورِيّ أو قَدُّورِي ، ويبدو أن السبب في ذلك شهرة لقب (القُدُورِي) الفقيه الحنفي ، نسبة إلى بيع القُدُور أو عملها ، قال السمعاني في كتاب الأنساب (10/352) : " القُدُورُي : بِضَمِّ القاف والدال المهملة والراء بعد الواو، هذه النسبة إلى القُدُور، واشتهر بهذه النسبة أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان الفقيه المعروف بالقُدُوري، من أهل بغداد ، كان فقيها صدوقاً ... وانتهت إليه بالعراق رئاسة أصحاب أبى حنيفة ، رحمهم الله ، وعَظُمَ عندهم قدره وارتفع جاهه، وكان حَسَنَ العبارة في النظر، جَرِيءَ اللسان، مُدِيمًا لتلاوة القرآن ... وكانت ولادته في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، ومات في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مئة ببغداد، ودُفِنَ في داره بدَرْبِ أَبِى خلف". والقدُوُري هذا هو صاحب المختصر في الفقه ، قال محمد عبد الحي اللكنوي في كتاب (الفوائد البهية في تراجم الحنفية) (ص 30) :" أحمد بن محمد بن أحمد ، أبو الحسين البغدادي ، القُدُوري بالضم ، قيل : إنه نسبة إلى قرية من قُرَى بغداد يقال لها (قدورة) ، وقيل : نسبة إلى بيع القدور ، وهو صاحب المختصر المبارك المتداول بين أيدي الطلبة ...". واشتهر مختصر القُدُوري في الفقه شهرة واسعة ، فمِنْ طلبة العلم مَن كان يحفظه ، ومن العلماء مَن شَرَحَهُ ، ومنهم مَن نَظَمَهُ ، وغلب إطلاق اسم (الكتاب) عليه في كتب الفقه الحنفي ، واشتهر بذلك مؤلفه ، صاحب اللقب المشهور (القُدُورِي). وهذه صورة غلاف كتاب مختصر القدوري : أما اسم والدي فإنه (قَدُّورِي) ، وليس (قُدُورِي) ، وهذا الاسم شائع في العراق ، وهو اختصار أو تحبيب لاسم (عبد القادر) ، وحصل مثل هذا الاختصار في عدد من الأسماء الأخرى ، التي تبدأ بكلمة (عبد) مضافة إلى اسم من أسماء الله تعالى ، مثل: عبد الغفور ، وعبد الكريم ، وعبد الستار ، وعبد الجبار ، وعبد الرحمن ، فيقال فيها : غَفُّوري ، وكَرُّومي ، وسَتُّوري ، وجَبُّوري ، ورَحُّموي ، وربما سُجِّلَ بعض هذه الأسماء بشكل رسمي في دوائر الحكومة المختصة ، وربما سُجِّلَ بعضها بالاسم الأصلي ، ويبقى الاسم المختصر يُسْتَعْمَلُ في الخطابات اليومية الشفهية. وكان اسم (قَدُّوري) شائعاً في مدينة تكريت ، فكان من أطباء بغداد المشهورين منذ الخمسينات من القرن الماضي الدكتور بهجت قَدُّورِي الناصري التكريتي ، رحمه الله تعالى ، وكانت عيادته مشهورة في جانب الكرخ من بغداد ، وظلت مفتوحة يستقبل فيها المرضى ما يقرب من خمسة عقود(ولد سنة 1917- وتوفي سنة 1995م). وقد يتساءل بعض قراء هذه المقالة عن الهدف من كتابتها ، وهل يستحق الموضوع الكتابة فيه ، وإشغال القراء بالوقوف عنده ؟ فأقول : هناك سببان جعلاني أكتب هذه المقالة:السبب الأول : الإجابة عن السؤال الذي كنت كثيراً ما أسمعه عن ضبط اسم والدي ، رحمه الله تعالى ، هل هو : قُدُوري ، أو قَدُّوري؟ والسبب الثاني : أن اسم والدي كان رسمياً (عبد القادر) ، وحَمَل هذا الاسمَ في وثائقه الرسمية أكثر من ستين سنة ، وكنا نَتَسَمَّى به سنين طويلة أنا وإخوتي ، ولكن حصل خطأ إداري أَدَّى إلى تغييره إلى (قَدُّوري) ، ومما دفعني للكتابة الآن أني عثرت بين بقايا أوراقي الشخصية بطاقة المشاركة في الامتحان الوزاري للصف الثالث المتوسط ، في العام الدراسي (1964/1965) ، واسم والدي في البطاقة هو (عبد القادر) ، وهذه صورة تلك البطاقة : وطلبتُ من أبي بكر ، ابن أخي المهندس صفر ، رحمه الله تعالى ، أن ينظر في كُتُبِ والده القديمة ، ويُصَوِّرَ لي بعض توقيعاته في تلك الكتب التي أَثْبَتَ فيها اسم (عبد القادر) ، وهذه صورة بعض تلك التوقيعات: وحَصَلَ في سنة 1965م أو بعدها بقليل خلل إداري في معاملة تجنيد تخص أخينا الكبير (صالح) رحمه الله تعالى ، حيث سُجِّلَ في دفتر التجنيد باسم (صالح قَدُّوري) خطأً ، واضطرنا ذلك إلى تغيير اسم والدنا في المحكمة إلى (قَدُّوري) متابعة لدفتر التجنيد ، ولا أدري لِمَ لَمْ يحصل العكس ! ومنذ ذلك التاريخ ونحن نود العودة إلى اسم أبينا الأصلي (عبد القادر) ، لكنْ كلما مرت السنين ازداد الأمر تعقيداً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. غانم قَدُّوري الحمد أربيل 1/2/2019م