الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمَّدٍ ، وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين ، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، أَمَّا بَعْدُ
فقد مَرَّت أربعون سنة على ظهور كتابي (رسم المصحف : دراسة لغوية تاريخية) ، وراجعتُهُ قبل صدور طبعته الثانية ، لكنْ ظَلَّ الكتاب بصورته الأولى ، سوى تصحيحات طفيفة تداركتُ فيها ما وَقَعَ فيه من هفوات الطباعة ونحوها ، وهذه هي الطبعة الثالثة للكتاب ، وتمتاز عن الطبعات السابقة بأمرين :
الأول : تحديث مصادر الكتاب ، فكثير من مصادر الكتاب التي اعتمدتُ عليها وَقْتَ كتابته كانت مخطوطة ، وقد حُقِّقَ معظمها في السنين التي تَلَتْ صدور طبعته الأولى ، ورجعتُ في هذه الطبعة إلى النسخ المحققة ، وهو ما ييسر للقارئ الرجوع إلى تلك المصادر ، إنْ رَغِبَ في ذلك ، كما أنه يساعد في ضبط النصوص المنقولة من تلك الكتب ، وتصحيحِ ما يكون قد وقع فيها من أخطاء.
الثاني : أتاحتْ قراءتي الكتاب قراءة جديدة مراجعة بعض العبارات ، وتحديث بعض المعلومات ، واستبدال عدد من الصور الملحقة في آخر الكتاب من المصاحف المخطوطة وغيرها ، بعد أن ظهرتْ لها نُسَخٌ مصوَّرَةٌ تصويراً حديثاً أكثر دقة ، وغَيَّرْتُ طريقة بناء الهوامش ، باعتماد ذكر اسم المؤلف ثم اسم الكتاب ، وهي الطريقة التي ارتضيتها في أعمالي العلمية ، المُحَقَّقَةِ والمُؤَلَّفَةِ ، وكذلك وَحَّدْتُ قائمة المصادر ، سوى القائمة الخاصة بالمصاحف المخطوطة.
ولم يتيسر لي استيعاب ما استجد عندي من معلومات وأفكار ومصادر حول موضوع رسم المصحف في هذه الطبعة ، لأن ذلك يحتاج إلى إعادة كتابة فصول الكتاب من جديد ، وهو ما يخرج به عن صورته الأولى ، كما أن ذلك سيزيد من حجمه ، ومن ثَمَّ ظل الكتاب في صورته الأولى بشكل عام ، واستوعبتُ ما استجدَّ عندي في موضوعه في عدد من أعمالي العلمية اللاحقة ، وفي مقدمتها : كتاب (المُيَسَّر في علم رسم المصحف وضبطه) ، وكتاب (علم النقط والشكل : التاريخ والأصول) ، ومجموعة أبحاثي الجديدة المتعلقة بالموضوع التي ستصدر – إن شاء الله - في كتابين ، الأول (أبحاث في علم رسم المصحف وضبطه) ، والثاني (علم المصاحف : مجموعة أبحاث).
ويقتضيني العرفان بالجميل أَنْ أُكَرِّرَ الشكر – بعدَ شكرِ الله تعالى – للذين كان لهم فضل على كاتب هذا الكتاب وقت كتابته وبعدها ، وأَخُصُّ منهم بالذكر أسرتي التي منحتني فرصة السفر للدراسة في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ، وكان هذا الكتاب إحدى ثمار تلك الدراسة ، وأستاذي المشرف الدكتور عبد الصبور شاهين ، رَحِمَهُمُ الله تعالى ، وجزاهم خير الجزاء.
وأتقدَّم بالتقدير والشكر للذين أَسْهَمُوا ويُسْهِمُون في خدمة هذا العلم الشريف ، سواء من الذين اتَّفَقُوا معي في المنهج ، أو خالفوني فيه ، فباختلاف المناهج والرُّؤَى تتكامل العلوم ، وتنضج الأفكار ، وأخص بالذكر الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الحي الفرماوي(1)، مؤلف كتاب (رسم المصحف ونقطه) ، وَفَّقَ الله تعالى الجميع لخدمة كتابه الكريم ، وتقبَّل الله مني ومنهم صالح الأعمال ، إنه ولي التوفيق.
______________________
(1) كتبتُ هذه المقدمة قبل وفاة الدكتور عبد الحي الفرماوي في 11/5/2017م ، رحمه الله تعالى.
القسم:
حديث الشهر
التاريخ:
30 يوليو
2017
لايوجد تعليقات